الجمعة، 11 أكتوبر 2013

عبدالعزيز النصافي: حوار في مجلة اليمامة





http://www.yamamahmag.com

حوار في مجلة اليمامة
حاوره: عبدالعزيز النصافي

د. حسن بن فهد الهويمل، الأديب والكاتب والأستاذ الجامعي والمثقف صاحب المعارك الحامية في المشهد الثقافي، نستضيفه في هذا المشوار الذي بدأ من «بريدة»، وكان كما يقول صاحبه «حزمة من الصدف»، وكانت حصيلته واحداً من مثقفينا الموسوعيين الذين تركوا بصمة في نتاج الأدب والنقد والبحث في بلادنا، فإلى مائدة مشوار د. الهويمل العامرة:

النشأة والطفولة

في البداية حدثنا عن مرحلة الطفولة كيف كانت؟
- كأية مرحلة لأي طفل مماثل، شظف في العيش، ومشاركة في العمل، وتنتقل بين الكتاب والسوق، وكدح متواصل لسد الرمق. نغيب مع الشمس ونشرق معها، ولا نحمل هماً، ولا نفكر بمستقبل، همنا الساعة التي نحن فيها، مترعون بالبراءة، قانعون بالكفاف، وبالصحة، والقوت، والأمن، نشعر بأن الدنيا حيزت لنا بحذافيرها.
صورة بريدة القديمة ماذا بقي منها في ذاكرتك؟
- محفورة في الذاكرة، كنقش على الحجر، وطوفان المدنية والثراء والترف جعلني أتوق إلى السرج وبيوت الطين والأنعام والحمير والبغال، والمشي على الرمل حافياً وشرب المياه من القرب والنوم على الرمل تحت ضوء القمر، لقد كنا نذرع بريدة طولاً وعرضاً، ونعرف أهلها رجالاً ونساء، لقد كانت الصورة وديعة، لا نرى فيها عوجاً ولا أمتا، أما اليوم فقد لا نعرف أدق التفاصيل عن الحي الذي نسكنه.

كيف كانت طبيعة الحياة تلك الفترة؟
- تقوم على العمل قدر الطاقة، وتناول ما تيسر من الأسودين التمر والماء، والموسرون من يأكلون اللحم، ويشربون اللبن.


على مقاعد الدراسة
الطفل حسن الذي أصبح فيما بعد الدكتور حسن كيف بدأت خطوته التعليمية الأولى؟ وماذا تذكر من ذلك الطفل؟
- من الكتاب إلى المدرسة، ومنها إلى المعهد العلمي، ومن مكتبة جامع بريدة التي أصبحت فيما بعد مكتبة «الملك سعود» إلى مكتبة معهد بريدة العلمي، ومن المشايخ السلفيين إلى العلماء الموسوعيين وهكذا الدنيا نزول وارتحال.

هل تتذكر أبرز أصدقاء تلك المرحلة؟
- بكل تأكيد، وقد تفرقت بهم السبل منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر. ولست أجهل أحداً منهم، والساحة المتاحة لا تتسع لهم جميعاً، ومن ثم لن أذكر أسماءهم، منهم رجال الأعمال والعلماء والأدباء، عفى الله عمن قضى نحبه وأمد في عمر الأحياء، وأعاننا على قضاء حق الصداقة.


مرحلة التشكيل المعرفي:

ماذا بعد المرحلة الثانوية؟
- الحاجة ألجأتني إلى الوظيفة، ومن ثم التحقت بها منذ نصف قرن، ولما أزل استاذاً غير متفرغ، وواصلت الدراسة بالانتساب من الابتدائية حتى الدكتوراه. والمرحلة الثانوية هي مرحلة التشكل المعرفي، لما يتوافر فيها من النشاط والحيوية وحب الاكتشاف والجسارة، كنت من أوسط طلاب المعهد تحصيلاً، ومن أنشطهم قراءة، ومن أجسرهم تواصلاً مع الصحف والمجلات وكبار الكتاب، ومجالسة العلماء، وتمثلت في وقت مبكر مقولة المتنبي (وخير جليس في الزمان كتاب).

حدثنا عن المرحلة الأهم في حياتك بعدما أصبحت معيداً في كلية اللغة العربية وعن فترة تحضير الماجستير والدكتوراه كيف كانت؟ وعن أبرز مواقف هذه الفترة؟
- قد تكون حياتي حزمة من الصدف، إذ لم يكن هناك تخطيط مسبق، دافع المنافسة مع الزملاء جعلني أواصل الدراسة بالانتساب، حبي ينحصر في القراءة الحرة، أما الدراسة فإلزامية، ولهذا فمكتسبي المعرفي لم يكن من الدراسة، إنه من القراءة الحرة، ومن حُرِمها فقد حرم الخير كله، والكلية لم أدخلها معيداً، بل متعاوناً ثم عضو هيئة تدريس، وللرسائل قصص تطول قد أفصل القول عنها في السيرة الذاتية، وكلها عن الأدب السعودي في اتجاهاته ونزعاته.

من هم أبرز الزملاء في هذه المرحلة، ومن هم الأساتذة الذين تدين لهم بالفضل فيما وصلت إليه؟
- أنا رجل مفتوح، وكل من لاقيت أنشأت معه معرفة فإن أعجبني طورت المعرفة إلى الصداقة، ولهذا لا أحصيهم عدداً والأساتذة من جنسيات شتى، فالمملكة استقدمت الكفاءات العلمية من أقطار شتى، وطبيعة هؤلاء النزول والارتحال، وأدين بالفضل لكل من علمني حرفاً.


باحث نشط:

نعلم أنك نشيط للغاية في مجال البحوث والدراسات، حدثنا عن أبرز هذه الأنشطة؟
- هكذا يتصور الخليون، أنا من أوسط لداتي، ولَسْتُ ممن يشار إليهم بالبنان، مستور الحال، أسأل الله أن ينزل لي القبول، وأن يجعلني خيراً مما يظنون، وأن يغفر لي ما لا يعلمون، والبحوث والدراسات التى أنجزتها مطروحة في الطرق، إذ نشرت في الصحف أو في كتب.

الأسرة لها دور كبير في نجاحات أي شخص، كيف شكلت أسرتك وعيك؟ وهل للأسرة دور في اتجاهك التعليمي الثقافي؟
- لن يأخذني التشبع وأسبغ على أسرتي الثناء، والدي كادح إلى ربه كدحاً، وقد لقيه على أحسن حال إن شاء الله، ووالدتي أمية صوامة قوامة، وفي أوج حياتهما افترقا بالطلاق، فما ظفرت بما يظفر به لداتي، لقد استغرق البحث عن لقمة العيش فضول أيامهما ومع ذلك كان لهما الفضل في الرعاية والحنوِّ والتربية الحسنة.

رجل بتجربتكم الطويلة لا شك أنه نال العديد من الشهادات والأنواط كتكريم له ترى أيها أهم في تجربتك العلمية؟
- لا شيء يدفعني للتحصيل إلا الرغبة والهواية وحب الاطلاع، أي دافع خارجي يخبو في اللحظات الحرجة، غير أن التقدير ومعرفة الفضل لذويه أجواء مساعدة على مزيد العطاء، ولكن المسكون بهم القراءة والتحصيل لا يلتفت إلى أي مؤثر آخر، ولا ينتظر أي دافع غير ذاتي .


كتب ومؤلفات:

ما أبرز مؤلفاتك؟
- كثيرة هي مؤلفاتي، ولكن أبرزها (أبجديات سياسية على سور الوطن) لأنه تعبير صادق عن رؤيتي الفكرية والسياسية، وكتاب (حاتم الطائي) لأنه أولها.

لمن تقرأ من المبدعين والمبدعات؟ وما أجمل كتاب قرأته حتى الآن؟
- رجل تحتوي مكتبته الخاصة على أكثر من عشرين ألف كتاب، وهو على اتصال بسائر المكتبات، لا يستطيع حصر شيء فيها، أنا قارئ، أركض في كل حقول المعرفة، وقد يستهويني كتاب أو كاتب، ثم لا أتلبث معه إلا قليلاً، رجل مثلي لا يستطيع اختصار نفسه في حقل معرفي، فضلاً عن أن يختصر نفسه في كتاب أو كاتب، غير أن هناك من بقي أثره لتواصلي معه في فترة التشكيل كـــــ (العقاد) في فكره، -طه حسين- و-الزيات- في أسلوبيهما، و-أحمد أمين- في عقليته، و-أنيس منصور- في موسوعيته، هذا في الجانب الأدبي والثقافي، وقل مثل ذلك في سائر الجوانب ، ف-ابن تيمية في العقائد- و-ابن حزم- في الجدل و-الطبري- في النقد و-الاصفهاني- في الأدب القديم.


أول مقال صحفي

كتبت المئات من المقالات في العديد من الصحف هل تتذكر أول مقال نشر لك وما موضوعه؟ وما أبرز مقالاتك العالقة في ذهنك؟
- قبل نيف وخمسين سنة بعثت بمقال لـ(جريدة الخليج)، تحت عنوان «ماذا في الحقيبة» ونشر، فبعثت بعشرة مقالات وجاء الرد:- (يبدو أن الحقيبة خالية)، كنت أطرق الأبواب فلا يفتح لي، والآن يُطْرق بابي، وقد لا أفتح للطارق.

من من الكتاب تعجبك مقالاته؟
- في أي مجال معرفي، ليست قراءتي وقفاً على حقل معرفي واحد، بحيث أحدد الكاتب، أنا أقرأ في السياسة والفكر والأدب وسائر حقول المعرفة، وقد يعجبني كاتب في مقال، ثم لا يعجبني في مقالات أخرى، يعجبني أسلوب الزيات وطه حسين، وفكر العقاد، وعقلية أحمد أمين، وثقافة أنيس منصور، وجدلية أبي عبدالرحمن بن عقيل، وتراثية محمود شاكر، وسبحات مصطفى محمود، وتأملات مالك بن نبي، وموسوعية هيكل السياسية، وألسنيات -الحمداني- ومذكرات -المسيري- وتفسيرات -الشعراوي-.

بحكم تخصصك يتحدث الدارسون عن خلل في النقد العربي الحديث بسبب تماهيه في النقد الغربي. ما رأيك؟ وأين نقدنا من خارطة هذا الثاني؟
- المصداقية تقتضي الاعتراف بمستوى نقدنا وحضورنا ومشاركتنا، وتعالقنا مع النقد الغربي له وعليه، ونقدنا المحلي ينازع النقد العربي الندية، وجامعة الملك سعود أمدت المشهد بنقاد مهنيين، ينازعون على الصدارة، واتسعت للتراث والمعاصرة، فالمانع، والهدلق، والضبيب، إلى جانب الحازمي، والبازعي، والغذامي، والزهراني، كل أولئك يشكلون منظومات معرفية مشرِّفَة.

ما أبرز عيوب النقد الحديث في رأيك؟
- سرعة التحولات، وعدم انضاج النظريات الوافدة، والتنكر للنقد العربي القديم، واستفحال المجاملات و التشايل، وحب الظهور على حساب القيم والثوابت، على أنه يجب التفريق بين النقد الصحفي والأكاديمي.


أحلام وطموحات

هل حقَّقْت طموحاتك أم أن هناك أحلاماً مؤجلة لم تتحقق حتى الآن؟
- لو أعطي الرجل واديين من ذهب لابتغى لهما ثالثاً، ولا يملاً بطن ابن آدم إلا التراب، والأمل يظل مع الإنسان حتى يموت، ولو فقد الأمل لفقدت الحياة، ولا صحة لمقولة المتنبي:

«تركتني أصحب الدنيا بلا أمل».

الفرق بين طالب الأمس وطالب اليوم؟ وكيف تقارن التعليم الماضي والحاضر؟
- ظروف الحياة قلبت الأوضاع، وغيرت الأحوال، وطالب اليوم أقل جدية، وثقافته أوسع، والمغريات ومصادر المعرفة وثورة الاتصالات والمعارف غيرت وجه الحياة، ومخرجات التعليم دون المستوى.

أصعب اللحظات أين عشتها ومتى؟
- خُلِق الإنسان في كبد وهو كادح إلى ربه كدحاً فملاقيه، فالحياة عصيبة وذو العقل يشقى في النعيم بعقله، وأصعب اللحظات حين يهتز الإيمان، ويتململ الشك من تحت ركام اليقين، أما اللحظات العصيبة حسيًا فاحتراق محرك الطائرة وأنا بين «جدة» و«الخرطوم».

هل أنت من عشاق السفر؟ حدثنا عن أجمل الدول التي زرتها؟
- من طبيعتي أنني لا أحط من سفر إلا إلى سفر، فكأنني موكل بفضاء الأرض أذرعه، أما اليوم فتقدم السن إثاقلت بي إلى الأرض، أجمل الدول مصر والمغرب؛ لأنهما زاخرتان بالكتب والمكتبات والأدباء، ولبنان قبل أن تعبث بها الطائفية، ومصايف «بلودان» بسوريا أزاح الله عنها داءها.

خضت أكثر من معركة مع الحداثة والعلمانية، والآن مع السرديات ماذا تركت فيك؟
- الإيمان بأننا لا نزال مختلفين إلا من رحم ربك.

وماذا توصي به خصومك؟
- حسن الظن، والبحث عن الحق، والاشتغال بالقضايا، وتحييد الذوات، والحرص على ألا يفسد اختلاف الرأي للود قضية.


الجوائز والصالونات الأدبية

ظاهرة الجوائر والمراكز والصالونات في المملكة ماذا تعني؟
- ظواهر صحية متى أخذت بحقها، وأستوت على سوقها، وبادرها الأكفاء علماً وتجربة ونزاهة. 

ما تقويمك لرياح التغيير العربي؟
- تحولت إلى أعاصير «تسونامية».

ثلاث كلمات لثلاث جهات، ماهي ولمن توجهها؟
- الأولى لقادة الدول العربية: اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم.
- الثانية للشعوب العربية: الفتنة نائمة لعن الله من أيقضها.
- الثالثة لعلماء الأمة: ولا تكتموا الشهادة، ومن يكتمها فإنه آثم قلبه.

ماذا يعنى لك وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى؟
- شهادة براءة وشعور بالاعتزاز.

واختيارك رجل العام؟
- تقدير أعتز به، ومسؤولية أخاف التقصير بحقها.

بدت العلاقات الحميمية بينك وبين خصومك تبدو للعيان هل تراجعت أم تراجعوا؟
- تفسح كل منا لصاحبه في المكان.

وهل تود أن تعود الخلافات جزعة؟
- إذا كان فيها ما يفيد المشهد الأدبي والفكري.

بماذا يوحي مقالك «عندما تذاد البلابل عن دوحها»؟
- عصف ذهني، لاستدعاء كفاءات الوطن، ليكونوا أولى بلحم ثورهم.

لماذا عَدَلْت عن الكتابة الأدبية إلى الكتابة السياسية، والفكرية؟
- مجرد مراوحة، وصفحة الرأي تتطلب مقاربة القضايا الحاضرة في مشاهدنا.

أحب كتبك إليك؟
- كتبي كأولادي هم في الحب سواء ولكن بعضهم يفرض قربه، وكتاب (أبجديات سياسية على سور الوطن) أقربها إلي.


الانفجار الروائي

تصديت للسرديات المحلية فما إشكالياتها؟
- الانفجار الروائي، وممارسة الكتابة مع غياب المواهب.

ما سر فشل العمل الروائي المحلي؟
- غياب الإمكانات اللغوية والفنية والموضوعية.

لقد فاز عدد من الروايات وبرز نجم عدد من الروائيين، أليس هذا دليل النجاح؟
- كثرة الفاشلين تغلب قلة الناجحين، والحكم على الغالبية، والشاذ يؤكد القاعدة ولا يلغيها.

بعض الروايات شاعت وتعددت طبعاتها؟
- ربما أنها تعتمد الخروج عن السائد، والحديث عن المسكوت عنه، والتوسل بإثارة الغرائز والشهوات.

ما رأيك في رواية (الحمام لا يطير في بريدة)؟
- نقد مبطن للحراك الأصولي والاحتساب، وهي في أسلوبها تتقاطع كثيراً مع رواية :(عابر سرير) لأحلام مستغانمي.

في مقالك «عندما تذاد البلابل عن دوحها» أشرت إلى مبدعين ونقاد كنت خصماً لهم فيما مضى؟
- الخصومة لا تصادر المكانة ولا تغمط الحق.

ألم تفكر بكتابة سيرتك الذاتية؟
- المحاولة قائمة، وقد نشرت أطرافاً منها، ولما أزل أتهيب موضعة الذات.

في مشاركاتك لـ(قراءة النص) في نادي جدة الثقافي، تفاوتت إسهاماتك مما يعني تراجعك عن بعض آرائك؟
- المسألة تطور لا تغيير، وتنوع لا اختلاف (ومن ذا الذي يا عز لا يتغير).

ألست ترى معي أن معاركك الأدبية والفكرية توقفت على الرغم من حفول المشهد بخروقات فكرية وأدبية؟
- يقول «جرير» أدركت «الأخطل» وله ناب ولو أدركته وله نابان لأكلني، ولربما تكون هذه الخروقات جاءت، والعظم قد وهن، والرأس قد اشتعل شيباً، ومن ثم سلمنا الراية للجيل الجديد، وتفاءلنا بترديد:-
إذا أيقظتك هموم العداء فنبه لها عمراً ثم نم ومن ثم اكتفينا بمراقبة المشهد مع شيء قليل من الإسهامات عبر القوة الناعمة.

من أولئك الذين خلفوك بالتصدي والتحدي؟
 - كثيرون من الطلاب الذين أصبحوا زملاء على أن الحِّدة والحَدِّيِّة خفت فلم يعد المشهد يحتمل مزيداً من المناكفات.

أي المجالات المعرفية تجد نفسك فيها؟
- أنا مثقف، ولست عالماً متخصصاً، وإن كنت أحمل شهادة الدكتوراه في الأدب الحديث، غير أني أحس بأنني خريج مكتبتي التي تضم أكثر من عشرين ألف كتاب.
ومن ثم أجد نفسي في الحقل المعرفي الذي أقيم فيه قارئاً أو كاتباً أو محاضراً أو ناقداً.

من أي عباءة علمية نسلت؟
- القارئ النهم ينسل من عِدَّة عباءات، تعلقت في مطلع حياتي بعمالقة الفكر والأدب في مصر، طه حسين والعقاد والمازني والرافعي والزيات، ثم انداحت دائرة الاهتمامات، وتوسعت في القراءة، وامتدت عيني إلى سائر المفكرين والفلاسفة والشعراء والنقاد والمترجمات. ولما طغت مناهج اللغة وما عرف بالألسنة شغلتنا عما كنا فيه، والمذاهب والتيارات خلطت الأوراق واستحال معها نقاء الانتماء ووضوح الالتزام.

الأندية الأدبية كيف هي في نظرك بعد التغييرات؟
- لا شيء يذكر.

إذاً لماذا التغيير؟
- محاولة للأفضل الذي لم يأت بعد.

كثر اللغط حول عدم نزاهة الانتخابات؟
- تقول العامة (الحكي لا يخرج من تحت حصاة).

إذاً الاتهام صحيح؟
- الحكم على الشيء فرع عن تصوره.

لماذا استقال رؤساء الأندية ولم تستقل؟
- لا أريد منح الوزارة مشروعية التصرف.

لقد أقالتك في النهاية؟
- لم تقلني ولكنها شكلت مجلساً بالتعيين، خلفاً لمجلس منتخب.

ألا تظن أن سبعاً وعشرين سنة كافية لإدارة النادي؟
- أكثر من الكفاية، ولكننا كنا نود تشكيل جمعيات عمومية للأندية ومن بعد إجراء الانتخابات المُحْكَمة التي لا تتيح لأحد الطعن فيها. كما أود احتواء المشاكل الناجمة بين بعض الأندية ووكالة الوزارة للشؤون الثقافية التي تلاحقت معها الاستقالات ووصلت بعض القضايا ديوان المظالم، وأصبحت حديث المجالس.

معرض ناجح

وعن معرض الكتاب لهذا العام؟
- ناجح بكل المقاييس، الإشكالية في ارتفاع الأسعار، وتفاوتها وتذمر المكتبات من غلاء الساحات المؤجرة الأمر الذي دفعهم إلى تحصيل الأجور من المتسوقين.

وهل أنت مع مراقبة المطبوعات والاحتساب؟
- بكل تأكيد ولكن من خلال ضوابط لا تضيق الخناق، ولا تحجب الثقافة.

الرقابة والاحتساب لا تمارس في المعارض العربية؟
- لكل شيخ طريقته، ونحن أحق في تقرير ما نريد، فمن قبلنا على ما نحن عليه فحَيَّ هل، ومن ضاق ذرعاً بما لدينا من ضوابط فليبحث عن أسواق أخرى. والأنظمة والتعليمات والضوابط داخلة في سيادة الدولة والمساس بها مساس بسيادة الدولة.

لو كنت مسؤولاً عن الثقافة فماذا أنت فاعل؟
- الاستخارة والاستشارة والاستنارة بالقراءة لكل أنظمة العالم العربي والخروج بنظام يجد فيه كل أديب ولو مَفْحص قطاة، ثم الخلوص بجلدي لا عليَّ ولا ليا.

وهل أنت راضٍ عن أوضاع الثقافة؟
- الرضا بداية النهاية. 

(بريدة) ماذا تعنى لك؟
- منها خلقناكم وفيها نعيدكم.

وأحداثها الأخيرة؟
- زوبعة في فنجان.

وتلك الكلمات ماذا تعني لك:
الوطن:
- سفينة مُسْتَهم عليها.
الكتاب
- وعاء المعرفة.
«الآي باد»:
- نافذة على العالم.
الوظيفة:
- رِقُّ القرن العشرين.
التقاعد:
- بداية النهاية.
الواسطة:
- بريد الفساد.
الشفاعة:
- زكاة الوجاهة.
التغيير:
- سنة الحياة.

بماذا تود أن تختم حياتك؟
- بشهادة التوحيد، والخلوص من الحياة لا لنا ولا علينا، فعفو الله خير من كل عمل .

بماذا تحب أن تختم هذا اللقاء؟
- بالاسترخاء بعد هذا العناء.

صالح السعيد: حوار خاص مع أد. حسن الهويمل



http://islamtoday.net/nawafeth
صالح السعيد: حوار خاص مع
أد. حسن بن فهد الهويمل

الاحد 21 شعبان 1423 الموافق 27 أكتوبر 2002



  • من الخير للأمة أن يظل " الود " قائماً بين المثقف والسلطة ، وأن يمارس الطرفان تنازلات لمصلحة الأمة ، وليست لمصلحة الطرفين .
  • هذا ما أقوله لكلٍ مِن : الشيخ سلمان العودة ، والأستاذ إبراهيم البليهي ، والأستاذ الدكتور عبد القدوس أبو صالح .
  • الرواية ليست ديوان العرب بل الشعر .
  • هذه ركائز النقد التي أستخدمها في مخاطبة النص . والإبداع لدى أدبائنا الشباب كثير ولكن الجودة قليلة .
  • على الذين ينتقدون النادي الأدبي بالقصيم عليهم أن يتخلوا عن الاعتزاز بأنفسهم ويتخذوا طريقهم إليه .
  • الهمُّ الذي يشغلني هو تأسيس ثقافة عربية إسلامية متميزة .

وقبل أن ندخل في الحوار يطيب لنا أن نقدم نبذة عن أديبنا الأستاذ الدكتور .

  • من مواليد مدينة بريدة. في منطقة القصيم بالمملكة العربية السعودية 
  • تلقى تعليمه العام في مدينة بريدة.
  • نال شهادة الليسانس في اللغة العربية من جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، عام 1387 هجرية.
  • نال دبلوم الدراسات العليا في التربية وعلم النفس من كلية التربية جامعة الملك سعود، عام 1395 هجرية.
  • نال درجة الماجستير في الأدب والنقد من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر بمصر، عام 1397 هجرية.
  • نال درجة الدكتوراة في الأدب الحديث من كلية اللغة العربية جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، عام 1405 هجرية.
  • عمل أستاذاً للأدب الحديث بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية ، فرع القصيم.
  • رئيس المكتب الإقليمي لرابطة الأدب الإسلامي العالمية بالرياض .
  • رئيس نادي القصيم الأدبي ببريدة.
  • مثل المملكة العربية السعودية في عدد من المؤتمرات داخل المملكة وخارجها.
  • أسهم في قطاع الفكر والأدب عبر وسائل الإعلام.
  • له مجموعة من المؤلفات المطبوعة منها:

  • حاتم الطائي بين أصالة الشعر وأسطورة الكرم.
  • اتجاهات الشعر المعاصر في نجد.
  • في الفكر والأدب، دراسات وذكريات.
  • النزعة الإسلامية في الشعر السعودي المعاصر.
  • الحداثة بين التعمير والتدمير.

  • عضو في عدد من المؤسسات الثقافية.
  • ناقش بعض الرسائل العلمية، وحكم في كثير من الأعمال الأدبية .
  • يكتب في عدة صحف ومجلات بشكل دوري .
والآن مع الحوار . .
س : المثقف يمثل النخبة الواعية المتقدمة ، لكنه الآن الأقل فاعلية وحضوراً على المسرح قياساً على بقية الفاعلين على الصعيد الاجتماعي : كرجال الأعمال أو لاعبي الكرة ومتعاطي الطرب . ما المعضلة أهي في ( الطرح ) أم في ( المطروح ) أم في ( المستقبِل ) بكل تعرجاته .
ج : لا أود خلط الأوراق بهذا الشكل ، فالسياقات الثقافية والاجتماعية والترفيهية لها مستوياتها وأنساقها المختلفة من حيث الجماهيرية والنخبوية ، والحضور لا يرتبط بالندرة أو الإغراق ، وإنما هو مرتبط بالأثر الباقي تماماً كما " الغثاء " و " ما ينفع الناس " . ولعلنا نظيف إلى ثلاثية " الطرح " و " المطروح " و " المستقبل " إشكالية " المثقف " .

س : المثقفون والسلطة أنواع وأنماط : بعضهم يخطب الود ، وآخرون علاقة متشنجة واتهام متبادل . أيهما أبقى وأجدى ؟.

ج : السلطة الشرعية مطلب إسلامي ، ومن مات وليس في رقبته بيعة مات ميتة جاهلية ، وافتعال الصراع بين ثنائية " الثقافة " و " السلطة " مضيعة للجهد والوقت ؛ السلطة لها رسالة محددة وشرط مشروعية ، وللمثقف رسالته التوعوية الإصلاحية ، والعلاقة لا تقوم على الود والتشنج ، العلاقة تقوم من حيث فاعلية العلاقة ، والمثقف حين يحصر قيمة العلائق بثنائية " الود " و " الكره " فهو نفعي ، ذلك أنها نتيجة ، وعلى المثقف أن يبحث عن الأجواء الملائمة لإبلاغ رسالته بوصفه مسلماً – أولاً – وبوصفه نخبوياً قادراً على الإصلاح ، ومن الخير للأمة أن يظل " الود " قائماً بين الطرفين ، وأن يمارس الطرفان تنازلات لمصلحة الأمة ، وليست لمصلحة الطرفين .

س : لمعاركك ( مماحاكاتك ) الأدبية والثقافية نكهة خاصة ، لماذا هدأت في الآونة الأخيرة هل المرحلة العمرية لها دور ؟.عذراً أدرك أن الأصل عدم اندلاعها ، ولكن يرى البعض أنك تبحث عنها أحياناً .

ج : كلمة " مماحكة " و " الأصل عدم اندلاعها " و " أنك تبحث عنها " أحكام مسبقة وهجائية ، وأحسبها مثل " كلمات الوعيد " تُمرُّ كما جاءت ؛ ولأنني لست معنياً بمثل هذه الإثارات فإنني أمرها وأمر بها كأنني لم أسمع ولم أقل .

س: بعض النقاد يقرؤون ما يكتب عن الآخرين ، ولا يقرؤون لهم ، ومع ذلك يقدمون دراسات عنهم . كيف ترى هذه الممارسة ، وهل مارست ذلك يوماً .

ج : هذه من المقولات التي أكررها دائماً ، فالعيب الذي ينتاب المشاهد أن السواد العظم لا يباشرون قراءة القضية أو الظاهرة أو الشخصية وإنما يقرؤون عنها ، ثم لا تكون أحكامهم ذاتية . أما عن ممارستي فمن المقت الكبير أن أقول ما لا أفعل .

س : هل ترى أن الرواية الآن هي ( ديوان العرب ) ؟

ج : يقال : " إن الزمن زمن الرواية " وللقول بعض الحق ، ولكن الشعر سيظل الأهم ، والقصص مصدر من مصادر التثقيف والتحذير والتربية ، وقد اعتمد عليه المشرع ، فالقصص القرآني والقصص النبوي شكلان مصدراً من مصادر التشريع والتثبت والموعظة ، ومع كل ذلك فلن تكون الرواية في يوم من الأيام " ديوان العرب " حتى الشعر فيما بعد الجاهلية لم يكن ديوان العرب .

س : هل يمكن الجمع بين الإبداع والنقد . ألا ترى أن الجمع قد يسئ إليهما معاً ؟

ج : الإبداع موهبة تصاحب الإنسان منذ النشأة الأولى ، أما النقد فقد يكون اكتساباً ، ولهذا فليس هناك ما يمنع من أن يكون الشاعر ناقداً ، وقد ألفت كتباً في ذلك ، على أن الشاعر المنقح يعد ناقداً ، ومدرسة زهير بن أبي سلمى معروفة بالتنقيح ، وهناك شعراء نقاد ومبدعون نقاد ، نجد مثالاً على ذلك : صلاح عبد الصبور ، وغازي القصيبي ، وغيرهم .

س : لكل ناقد أسلوبه في الاقتراب من النص . فما أسلوبك أنت ؟.

ج: اللغة هي مفتاح النص ، وأي نص لا يكون متميزاً بلغته لا يحفز على القراءة . الإبداع في نظري لغة في الدرجة الأولى ثم معنى . هناك ثلاث ركائز للإبداع لا بد من الاهتمام بها :
  • اللغة .
  • الفن .
  • المعنى .
وبدونها لا يكون النص نصاً .

س: نلحظ غزارة في الإنتاج الإبداعي السعودي في الشعر والنثر ، وبالمقابل نلحظ شحاً في الدراسات النقدية التي لا تتناسب وهذا الإنتاج . فما السبب ؟.

ج: يبدو لي أن الكثير من الإنتاج لا يحض على الدراسة . الناقد يريد نصاً مثيراً وحين لا يملك النص الإثارة لا يجد الناقد ما يحفزه إلى القراءة . الإبداع كثير ولكن الجودة قليلة .

س: نادي القصيم الأدبي يرفل بخصوصية تميزه عن غيره من الأندية الأدبية الأخرى ، ولك بصمتك الفريدة في ذلك ، لكن بعض رواده يلحظون افتقاره لورش عمل أدبية وفكرية ، وضعف استقطاب مثقفي المنطقة واكتشاف الموهوبين ، وعدم وجود موقع على الإنترنت . متى تتظافر الجهود لانبعاث هذه الأشياء وغيرها ؟

ج: هي منبعثة ، والموقع موجود ، وعلى الذين يودون انبعاثها أن
يتخلوا عن الاعتزاز بأنفسهم ، وأن يأخذوا طريقهم إلى النادي الذي يرقبهم .

س: مازالت الساحة الثقافية تتذوق نجاح الندوة الأدبية الموسعة ( عقدان من الإبداع ) فقد تمتعت بتنظيم رائع ، وجللها حضور بارز لكبار المثقفين السعوديين ، وحضور جماهيري أذهل المشاركين . كيف ترون ذلك ؟.

ج: نحمد الله على النجاح ، ونتمنى أن نوقف إلى تنفيذ مشروع آخر .

س: إن المتابع لدراساتكم يلحظ أنها تتمحور حول تأصيل العلوم الأدبية والفكرية الحديثة وأنها منحدرة من تراثنا العربي القديم . هل ترى أن الرسالة وصلت إلى القارئ ؟.

ج: أرجو ذلك .

س: ما الهموم الثقافية والأدبية والفكرية التي تشغلك الآن ؟ .

ج: أن نؤسس لثقافة عربية إسلامية متميزة ، وأن نستبد ولو مرة واحدة ( إنما العاجز من لا يستبد )

س: ماذا تقول لكلٍ من :
سلمان العودة / إبراهيم البليهي /عبد القدوس أبو صالح .

ج: كل واحد من هؤلاء على ثغرة من ثغور الفكر . فالله الله أن يؤتى الفكر الأصيل من قبله .